نحو الصلاح والإصلاح، لا بالنسبة لنفسه ولا بالنسبة لغيره، ويصبح شعاره الدائم في الحياة هو شعار شعيب عليه السلام (٨٨: ١١)، {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}، وذلك معنى قوله تعالى هنا:{يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، ومن نتائجه المنتظرة إكرام المؤمن بمحو السيئات وغفران الذنوب، والإنعام عليه بعيشة راضية لا يمسه فيها نصب ولا لغوب، وذلك قوله تعالى هنا:{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}.
ثم عقب كتاب الله على ذلك كله قائلا:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، وإنما كان الفوز العظيم في الدنيا والآخرة مرهونا بطاعة الله ورسوله، والخسران المبين معقودا بناصية العصاة الخوارج عن تلك الطاعة، لأن طاعة الله ورسوله تعني التطبيق الدقيق للنواميس الخلقية التي وضعها الله لضبط سلوك الإنسان، حماية له من المزالق والعثرات، وتحصينا له من عواقب النكسات والأزمات، فيخرج سليما منها، منتصرا عليها، ويعيش في وئام وانسجام مع توجيهات خالقه ورازقه، ومدبر أمره، الذي (طبع الطبيعة) و (شرع الشريعة).
وبعدما أبرز كتاب الله الأثر العميق الذي تحدثه طاعة الله ورسوله في حياة الإنسان المؤمن، وهو الفوز العظيم بسعادة الدنيا والآخرة، انتقل كتاب الله مباشرة إلى الحديث عن (الأمانة العظمى) التي انفرد بحملها الإنسان دون بقية الأكوان، أليس الإنسان هو الذي توجه الله في الملأ الأعلى بتاج الخلافة في الأرض؟ أليس