نعمة من الله تعالى، وزيادة في الخلق ومنة، وأحق ما لبس هذه الحلة النفسية والموهبة الكريمة كتاب الله، فنعم الله إذا صرفت في الطاعة قضي بها حق النعمة).
المظهر الثاني: من مظاهر الفضل الذي آتاه الله داوود: تمكينه من استعمال معدن الحديد فيما تتوقف عليه سلامة الدولة، وإطلاعه على سر صناعته، وتطويعه في يده، حتى عاد كالطين المبلول والعجين والشمع. وللحديد أهمية خاصة في حياة الشعوب والدول نبه إليها كتاب الله فيما سيأتي من سورة الحديد، إذ قال تعالى (٢٥): {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}.
المظهر الثالث: من مظاهر فضل الله على داوود: تعريفه بالطريقة التقنية المثلى لصنع الدروع، حتى تحمي المحاربين من سهام الأعداء، متى اضطروا لحمل السلاح، وتنبيهه إلى أن الدرع الذي يحمي لابسه يلزم أن يكون على قدر جسمه وقامته، لكي يستره سترا تاما، وإرشاده إلى أن كل حلقة من حلقات الدرع يلزم تقديرها بقدر الحاجة، بحيث تجمع بين الخفة التي لا تضعف من مناعة الدرع، وبين الحصانة التي لا تثقل الجسم، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في نفس السياق:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}، ويقال لصانع الدروع (سراد وزراد) بإبدال السين زايا، يزيد هذا المعنى توكيدا وإيضاحا قوله تعالى فيما سبق من سورة الأنبياء في شأن داوود عليه السلام (٨٠): {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ