{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}، و (المحاريب) جمع (محراب)، وهذا اللفظ يطلق على كل بناء مرتفع ممتنع، وعلى أشرف بيوت الدار، كما يطلق على المكان الذي يصلي فيه الإمام، لأنه يجب أن يرفع ويعظم، وهو أرفع مكان في المسجد، و (التماثيل) جمع (تمثال)، وهو اسم للشيء المصنوع باليد، الممثل بغيره أي المشبه به من إنسان أو حيوان أو غيرهما، (والجفان) جمع (جفنة) وهي القصعة الكبيرة، وشبهت في هذه الآية (بالجوابي) جمع (جابية)، لاتساعها وكبرها، ومعنى (الجابية) الحوض العظيم الذي يجمع فيه الماء، (والقدور الراسيات) هي القدور الثوابت التي لا تحمل ولا تحرك لعظمها، ومنها يغرف الطعام في الجفان. قال ابن العربي:(ورأيت برباط أبي سعيد قدور الصوفية على نحو ذلك، فإنهم يطبخون جميعا، ويأكلون جميعا، من غير استئثار أحد منهم على أحد).
وتعليقا على كلمة (تماثيل) الواردة في هذه الآية وما تفيده من إباحة التصوير على عهد سليمان قال (ابن العربي) ما نصه: (ورد على ألسنة أهل الكتاب أنه كان أمرا مأذونا فيه، والذي أوجب النهي عنه في شرعنا - والله أعلم- ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يصورون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب).
ومن لطائف التفسير ما نبه إليه الرازي أثناء تفسيره لهذه الآيات من أن (كتاب الله ذكر ثلاثة أشياء في حق داوود، وثلاثة