أشياء في حق سليمان عليهما السلام، فتسخير الجبال لداوود هو من جنس تسخير الريح لسليمان، وتسخير الطير للأول هو من جنس تسخير الجن للثاني، إذ الشأن في الطير النفور من الإنس، والشأن في الإنس النفور من الجن، ومع ذلك صار الطير لا ينفر من داوود، بل يستأنس به ويطلبه، وأصبح سليمان لا ينفر من الجن، بل يسخره ويستخدمه، وأما القطر، أي: النحاس والحديد فتجانسهما غير خفي) وذكر كتاب الله في حق داوود اشتغاله بآلة الحرب، بينما ذكر في حق سليمان اشتغاله بمهام السلم؛ لأن ملكه كان موطدا من عهد أبيه.
ثم أننا نجد كتاب الله يدرج في سياق التنويه بفضل الله على نبيه سليمان عليه السلام آيات يدور الحديث فيها حول نوع (الجن) الذي يقابل نوع (الأنس)، والمراد بهم نوع خفي من الكائنات يعمر الكون علاوة على الإنسان، وهو خاضع مثله للتكليف في الدنيا والجزاء في الآخرة، حسبما تدل عليه عدة آيات في سورة الأنعام وسورة الأعراف وسورة فصلت وسورة الذاريات وسورة الرحمن وسورة الجن، غير أن كتاب الله لم يفصل القول في هذا النوع الخفي من الأحياء، واقتصرت على بيان، أن الله خلقه من نار، وترك تفاصيل أمره مستورة ومحجوبة عن الأنظار، {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(٢٧: ١٥)، {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}(١٥: ٥٥).
ونظرا إلى أن بعض الأغرار من البشر تكونت عندهم فكرة غامضة وسخيفة عن الجن من نسج الخيال، وأخذوا يعبدونهم،