لغلبة الحق على الباطل، وتذكيرا بعذاب الله الذي حل بأئمة الكفر الأوائل:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ}، أي: سنة الله التي أجراها في الأولين.
وأعاد كتاب الله تقرير حقيقة كونية اجتماعية ثابتة، ألا وهي أن لله في خلقه سننا منتظمة ومحكمة، ترتبط فيها الأسباب والمسببات، والعلل والمعلولات، ارتباطا وثيقا، وذلك قوله تعالى هنا:{فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}، على غرار قوله تعالى في سورة الأحزاب (٦٢): {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}، وقوله تعالى هنا:{وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}، على غرار قوله تعالى في سورة الإسراء (٧٧): {وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا}.
و (التبديل) المرفوض هنا بالنسبة لأئمة الكفر هو تبديل العذاب بغيره، فالعذاب قائم بهم، وثابت لهم، و (التحويل) المرفوض بالنسبة لهم هو تحويل العذاب عنهم إلى غيرهم، فالعذاب واقع على من استحقه، لا يتجاوزه إلى غيره أبدا، ونبه القرطبي إلى أن كلمة (سنة) في هذا السياق تضاف أحيانا إلى الله، وأحيانا إلى غيره، لتعلق الأمر بالجانبين، مثلها في ذلك مثل كلمة (الأجل)، تضاف إلى الله كما في قوله تعالى (٥: ٢٩){فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ}، وتضاف إلى غيره كما في قوله تعالى (٣٤: ٧): {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ}.
ونبه كتاب الله إلى أن الجاحدين والمعاندين الذين أصروا على عتوهم واستكبارهم وتمردهم على الله لو فتحوا أعينهم،