للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثوان معدودة، وصدق الله العظيم إذ قال في كتابه في سورة فصلت (١٥): {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}، وفي سورة البقرة (١٦٥): {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}، قال الرازي: (لو أن قائلا قال: هب أن الأولين كانوا أشد قوة وأطول أعمارا، لكنا نستخرج بذكائنا ما يزيد على قواهم، ونستعين بأمور أرضية لها خواص، أو كواكب سماوية لها آثار، لقال تعالى أي جوابا على هذا الإشكال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}.

ثم أبرز كتاب الله مبلغ حلم الحق سبحانه وتعالى ورحمته الواسعة بالخلق، حيث يمهل العصاة من عباده، فلا يستعجلهم بالمؤاخذة والعقاب، ويتخولهم من حين لآخر بالموعظة الحسنة واللوم والعتاب، عسى أن يعودوا إلى جادة الصواب، وذلك قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، فيؤخر كل فرد إلى حلول أجله، وكل أمة إلى حلول ساعتها، والجنس البشري كله إلى حلول الساعة الكبرى، والضمير في: {عَلَى ظَهْرِهَا}، يعود على الأرض التي فيها مستقر الناس ومعاشهم، وقد سبق ذكر (الأرض)، عطفا على السماوات قبل هذه الآية، والمراد (بالدابة) هنا كل ما دب فوق الأرض ودرج، بما في ذلك الإنسان والحيوان: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا}، بصيرا بأحوالهم، بصيرا بأعمالهم، بصيرا بما يستحقه كل فرد من ثواب

<<  <  ج: ص:  >  >>