للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقسم في هذا المقام بالقرآن نفسه، حتى يقتنع كل من في قلبه شك أو ريب بأن أحكم كتاب عرفته الإنسانية - منذ ميلادها إلى فنائها- هو كتاب الله "أحكم الحاكمين"، وكيف لا يكون القرآن "حكيما" وهو: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (١١: ١)، وكيف لا يكون القرآن "حكيما"، وهو {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (٤١: ٤٢).

ومن وجوه حكمته أن مبانيه محكمة لا يلحقها عيب ولا خلل، ولا ينشأ من الإقبال عل تلاوتها وتدبرها أدنى سأم أو ملل.

ومن وجوه حكمته أن معانيه محكمة لا يلحقها تناقض ولا بطلان، ولا تفنى عجائها ولا تبلى جدتها بمرور الزمان.

ومن وجوه حكمته التي أقرتها التجارب المستمرة، الكرة بعد الكرة، أن من اتخذه دليله في حياته من الأفراد والجماعات نال السعادتين، وفاز في الدارين، فهو دليل حي ناطق بالحكمة الإلهية، يهدي من تتبعه وتبعه في كل حين إلى الصراط المستقيم، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (١٦: ٦). وسبق في آيات أخرى وصف القرآن بكونه "حكيما"، مثل قوله تعالى في سورة آل عمران (٥٨): {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}، وقوله تعالى في سورة يونس (١) وسورة لقمان (٢) معا، {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}.

وقوله تعالى: {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ}، إشارة إلى رحمة الله بعباده، وأنهم كلما

<<  <  ج: ص:  >  >>