وعقولهم معطلة، و"المقمح" هو الرافع رأسه الذي لا يستطيع الإطراق، لأنه قيد نفسه بقيود تحول بينه وبين الحركة والانعتاق، ومعنى "أغشيناهم".جعلنا على أبصارهم غشاوة، وأذن فلا سبيل إلى إقناعهم والأخذ بيدهم، {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
وبين كتاب الله أن الدعوة إلى الحق إنما تعمل عملها، وتحدث أثرها ومفعولها، فيمن فتح بصره وبصيرته للنظر والاعتبار، وكان عنده استعداد خاص للبحث عن الحق والحقيقة، وتقبل الهداية وتلقي الأنوار، وذلك ما يشير إليه قوله تعالي:{إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ}، أي: راقب الله في سره وإن كان لا يراقبه أحد. ثم قال تعالى مبشرا من وفق في هذه الخطوة، فنال من ربه الرضى والحظوة:{فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}، و"الأجر الكريم" هنا هو الأجر الكبير الوافر.
وقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى}، رد على منكري البعث في القديم والحديث، وقد كان البعث ولا يزال موضوع شك وجدل، عند من أصيبت عقولهم بالكلال والخلل، فتصدى كتاب الله لتقريره بشتى الوجوم حتى يستقر في الأذهان، لأنه عقيدة جوهرية في الدين لها أكبر الأثر في سلوى الإنسان.
وقول تعالى:{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}، تعريف بمضمون العدل الإلهي المطلق نحو كل إنسان كيفما كان، فالله تعالى لا يضيع عمل