للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورسوله من أن المكذبين من قومه ليسوا بدعا من الأقوام، بل لهم سلف طالح في العناد والتكذيب، وجه إليه كتاب الله الخطاب، داعيا إياه إلى التدبر في قصة "أصحاب القرية" الذين جاءتهم رسل من عند الله فكذبوهم، ورفضوا دعوتهم، وقابلوهم بالسوء من القول، وهددوهم بالرجم والتعذيب، وذلك قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قَالُوا}، أي: قال أصحاب القرية المكذبون، {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ * قَالُوا}، أي: قال رسل الله ردا على أصحاب القرية: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * قَالُوا}، أي: قال أصحاب القرية المعاندون، {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

ومعنى قوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}، أي: شددنا أزرهما، وقوينا رسالتهما برسول ثالث، وهذه هي القصة الوحيدة التي يتحدث فيها كتاب الله عن تكليف ثلاثة من الرسل في آن واحد، ومكان واحد، بتبليغ رسالة واحدة، وذلك بالإضافة إلى ما هو متعارف عند الجميع، من اشتراك موسى وهارون في تبليغ رسالة واحدة، مما تناولته عدة آيات في عدة سور، من بينها قوله تعالى في سورة "المؤمنون" (٤٥): {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}.

ومعنى قول أصحاب القرية في خطابهم للرسل الثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>