للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}، أي: تشاءمنا منم وبكم، تعبيرا عن كراهيتهم للرسل، ونفورهم من الرسالة، مثلهم في ذلك مثل قوم فرعون، الذين وصفهم كتاب الله بنفس الشيء، حيث قال تعالى في شأنهم: (١٣١: ٧): {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}، ومثل قوم صالح، الذين واجهوا نبيهم وأخاهم صالحا بالسوء، فقالوا: {اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} (٤٧: ٢٧)، لكن الرسل الكرام الذين أرسلهم الله إلى أصحاب القرية ردوا عليهم ردا مفحما: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ}، أي أن الشؤم الذي تحسون به إنما هو نتيجة لفساد عقيدتكم، وأثر من آثار كفركم.

ومعنى قوله تعالى: {أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ}، أي: أمن أجل أننا ذكرناكم بالله، ودعوناكم إلى توحيده وعبادته، تطيرتم بنا، وتشاءمتم برسالتنا، وهددتمونا بالرجم والتعذيب، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} من (الإسراف) بمعنى مجاوزة الحد، أي: أنتم قوم مغرقون في الضلال والعصيان، ممعنون في الغي والعدوان.

ولعل سائلا يدفعه حب الاستطلاع إلى أن يتساءل ما هي القرية التي جرت فيها هذه القصة؟ والجواب أن بعض قدماء المفسرين، قد اهتموا بهذا الأمر الجانبي، وبناء على ما تلقفوه من بعض الأخبار صرحوا بأن هذه القرية هي (إنطاكية)، لكن ابن كثير، المفسر والمحدث والمؤرخ، تصدى في تفسيره لإبطال هذا الرأي من عدة وجوه، مستندا إلى حجج تاريخية وواقعية مقنعة، وبذلك بقي اسم هذه القرية مبهما، على ما هو عليه في كتاب الله دون تعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>