ومثلهما بقية الحيوان، من أجناس وأنواع وألوان، وما هي عليه من أشكال وصور وأحجام، لا سبيل إلى حصرها ووصفها في هذا المقام، والمعنى الثاني: ما قام عليه الكون من الثنائية والازدواج في التكوين من ذكر وأنثى وسالب وموجب، وتعميم ذلك في النبات والحيوان والإنسان، مما يدل على وحدة التكوين ووحدة المكون سبحانه وتعالى، وسيأتي بهذا المعنى العام، الشامل للثنائية والأزواج، قوله تعالى في سورة الذاريات (٤٩): {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
ولاتساع البحث ودقته في هذا المجال، وفتح باب الاكتشاف فيه أمام الأجيال، قال تعالى في نفس الموضوع:{وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}، أي: مما لا يعلمه المخاطبون عند نزول القرآن، لكن يمكن أن يكتشفه من يأتي من بعدهم، متى رفع عنه الحجاب في مستقبل الزمان، وذلك على غرار قوله تعالى في آية سابقة (١٦: ٨): {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
وأما الآية الكونية الثانية في نفس السياق فهي آية السماء، وما سخره الله فيها من شمس وقمر، وليل ونهار، لمصلحة الإنسان ومنفعته، وانتظام عيشه وراحته، وتحقيق أكبر حظ من هنائه وسعادته، وذلك قوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}، فبتنظيم الحياة اليومية للإنسان وتقسيمها إلى وقت