للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالسَّمَاوَاتُ} (١٤: ٤٨)، طبقا لقوله تعالى (٣١: ٢٩)، {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، وقوله تعالى (٨١: ١): {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}، الآية.

وقوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}، أي: وآية لهم القمر، معطوف على ما قبله، فيه إشارة إلى أن الله تعالى جعل سير القمر منازل متوالية، بحيث ينزل كل ليلة منها بمنزل، وعدد منازله ثمانية وعشرون منزلا، وسبق في سورة يونس قوله تعالى مبينا حكمته البالغة في ذلك (٥): {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}.

وحيث أن القمر يشرع نوره في التناقص والتراجع بعد الليلة الرابعة عشرة، ولا يأتي آخر الشهر حتى يكون قد بلغ غاية النقص، فقد شبهه كتاب الله في هذه الحالة بالعنقود اليابس من الرطب إذا تقوس وانحنى وأصبح عتيقا، وذلك قوله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}، والعرجون من " الانعراج " وهو الانعطاف.

وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن النواميس الثابتة والسنن المنتظمة، التي يسير بمقتضاها كل جزء من أجزاء الكون، دون خلل ولا اضطراب، حتى لا يعترض أحدها طريق الآخر، فقال تعالى ممثلا بالشمس والقمر والليل والنهار: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، وسيأتي في سورة الملك ما يؤكد نفس المعنى ويزيده

<<  <  ج: ص:  >  >>