الحجة عليهم، ومن أنذر فقد أعذر، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(١٥: ١٧).
وانتقل كتاب الله إلى التذكير بنعمه على الخلق، خصوصا نعمه الظاهرة التي يتقلب فيها الإنسان كل يوم، ومن بينها (الأنعام) التي سخرها الحق سبحانه وتعالى لمصلحة الإنسان، ومنافعها المتعددة الأصناف والألوان، أكلا وشربا ولباسا وتأثيثا، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}، أي: مما أبدعناه دون شريك ولا معين، {أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}، أي: يتصرفون فيها، دون منازع ولا مانع، {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ}، أي: سخرناها لخدمتهم، ووضعناها تحت تصرفهم، قال جار الله الزمخشري، " ولهذا ألزم الله سبحانه الراكب أن يشكر هذه النعمة، ويسبح بقوله:{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}(١٣: ٤٣)، {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ}، أي: مركوبهم، كالإبل التي هي سفن الصحراء، {وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}، أي: ما يختارون لحمه للتغذية والأكل الشهي، {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ}، أي: لهم فيها علاوة على ما سبق منافع أخرى من الأصواف والأوبار والأشعار والجلود والشحوم، و {مَشَارِبُ}، إشارة إلى ما يتمتعون به من ألبانها السائغة للشرب، على غرار ما سبق في قوله تعالى في سورة النحل (٦٦): {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}، وقوله تعالى في نفس السورة (٨٠): {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا