تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}، ثم قال تعالى:{أَفَلَا يَشْكُرُونَ}، أي: أفلا يتذكرون هذه النعم الجليلة التي لا يطيب لهم العيش بدونها، ويشكرون الله عليها، بالعبادة الخالصة، والطاعة الدائمة، والتوحيد الذي لا تخالطه ذرة من الشرك، لا من الشرك الجلي ولا من الشرك الخفي.
ومن مقام التذكير بالنعم الإلهية التي أسبغها الحق سبحانه وتعالى على خلقه، عسى أن يعودوا إلى الله ويقدروه حق قدره يعود كتاب الله إلى وصف ما عليه المشركون الضالون، ومن سلك مسلكهم، من الجهل بعظمة الله، والشرك بربوبيته، وعدم الاعتراف بوحدانيته، وعبادة الأصنام والأوثان بدلا من عبادته، والتصدي لمقاومة كل من يطعن في معبوداتهم ويكشف عن حقيقتها، أملا في تلقي نصرها ومعونتها، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى بمنتهى الإيجاز:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}.
وللتخفيف من هموم الرسول ومشاغله، من أجل ما يلقاه عليه الصلاة والسلام من أذى المشركين وتعنتهم كل مطلع شمس، خاطبه ربه قائلا:{فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}.
وكما ذكر كتاب الله الإنسان بنعمة " الأنعام " التي لا يطيب له العيش بدونها ولا المقام، ها هو كتاب الله يذكر الإنسان