قولوا لا إله إلا الله، {يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}، فهم يشركون بالله ولا يرضون به ربا، وهم يطعنون في الرسول ولا يرضون به نبيا، وكفى بإنكار الربوبية وإنكار النبوءة مبررا لاستحقاق العذاب، في نظر أولي الألباب، -ومنذ أبى إبليس من السجود لآدم واستكبر فدخل في عداد الكافرين أصبح الاستكبار عن عبادة الله وطاعته سنة متبعة عند أهل الكفر، وقاسما مشتركا بينهم في كل جيل وعصر، حتى أنه كلما ذكر في القرآن " الكفر والكافرون "، ذكر بجانبه في الغالب " الكبر والمستكبرون ".
وردا على مزاعم المشركين في حق الرسول، وإبطالا لها من الأساس، قال تعالى:{بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}، فرسالته عليه الصلاة والسلام تجديد وتكميل لرسالات الرسل جميعا، والذي جاء به من عند الله، هو الحق الذي لا حق سواه، وما خالفه كله باطل، {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}(٨١: ١٧) ورفعا لكل إبهام والتباس فيما جرى على لسان أئمة الكفر، إذ قالوا فيما سبق:{فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ}، قال تعالى موضحا ومفصحا:{إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ * وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
وفتح كتاب الله صفحة جديدة في سجل عباد الله المخلصين الذين لا يذوقون العذاب، ولا يناقشون الحساب، لوفائهم بعهدهم مع الله، {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}(١٠: ٤٨)، ووصف أنواع الإنعام والإكرام