المخصصة لهم في جنات النعيم، فقال تعالى مستثنيا لهم ممن يذوقون العذاب:{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}، ومعنى {الْمُخْلَصِينَ}، بفتح اللام على قراءة نافع المدني وبرواية ورش المتبعة في المغرب:" الذين أخلصهم الله لطاعته، واستخلصهم لولايته " وقرئ بكسر اللام أيضا أخذا من " الإخلاص " بمعنى إفراد الله وحده بالعبادة، وتصفية عبادته من كل الشوائب، {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ}، أما " الرزق المعلوم " ففي شأنه جاء قوله تعالى في آية أخرى (٦٢: ١٩): {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}، وأما " الفواكه " ففي شأنها جاء قوله تعالى في آية أخرى (٦٢: ٥٦): {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ}، ثم قال تعالى على وجه التعميم والشمول:{وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، والإكرام بمعناه العام لا يقتصر على ما ورد في هذا السياق وما ماثله، بل يشمله ويشمل غيره، " مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر، على قلب بشر "، حسبما أخبر بذلك الصادق المصدوق عليه أزكى الصلاة وأزكى السلام، وفي طليعة ذلك كله:" رضوان الله " الذي هو غاية الغايات، عند أصفياء الله وأوليائه. قال تعالى (٧٢: ٩): {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
ومضى كتاب الله يعدد جملة من نعمه الظاهرة على عباده المخلصين، فبعد أن وصف طعامهم من قبل، ها هو يصف