للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموت، {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} أي: قال لرفاقه: هل تشرفون من مكان عال، وتطلعون معي على المعذبين، لتروا بأعينكم معي هذا القرين، {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}، أي: رأى قرينه يرتع في بحبوحة جهنم، فلما رآه على تلك الحال، {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}، أي: قال وكأنه يتحدث إلى ذلك القرين الشقي: إن كدت لتهلكني، وأكد هذا القول بالقسم، ثم استحضر العناية الإلهية، التي حميته من الوقوع في فخ ذلك القرين والسقوط في الهاوية، فقال معترفا بفضل الله عليه: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}، أي: لكنت من الذين يساقون إلى جهنم سوق المجرمين.

وتعبيرا عما في ضمائر نزلاء الجنة المنعمين، وتمنيهم للحياة فيها حياة لا يذوقون بعدها الموت، نطق كتاب الله بلسان حالهم قائلا: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}،وعندما أدركوا أن ما تمنوه من حياة الخلود هو بفضل الله عليهم من باب تحصيل الحاصل، تيقنوا أن ما يشغل الناس في الدنيا ويلهيهم عن الله إنما هو ظل زائل، أما نعيم الآخرة فهو وحده النعيم المقيم، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وليحضوا غيرهم على الاهتداء بهديهم واللحاق بركبهم، قال تعالى على لسانهم: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}.

وحيث أن الأشياء إنما تعرف بأضدادها بادر كتاب الله إلى تصوير حالة الأشقياء المعذبين، الذين ظلموا ربهم، فأشركوا به غيره، {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (١٣: ٣١)، وظلموا عباده،

<<  <  ج: ص:  >  >>