إلى ما ينبغي للأبوين من تحصين وليدهما بالدعاء الصالح والتوجيه الصالح، ابتداء من ساعة خروجه من بطن أمه، بحيث تكون تلك الفترة فترة ابتهاج وشكر لله، من جهة، وفترة ابتهال إلى الله ودعاء، من جهة أخرى.
وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه) الحديث. ثم يقول أبو هريرة:(واقرؤوا إن شئتم: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم).
وقوله تعالى حكاية عن زكرياء، كافل مريم في طفولتها، عندما دعا ربه بدوره {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} فيه توجيه لعباده المؤمنين حتى يملؤوا قلوبهم بمثل هذا الأمل والرجاء، وهو في نفس الوقت تنويه (بالذرية الطيبة) التي هي من نعم الله الكبرى الجديرة بالابتهال والدعاء، ومثل الرجل الذي لا ذرية له مثل الشجرة التي لا ثمرة لها.
غير أن الذرية المرغوبة والمطلوبة هي الذرية (الطيبة) كما في دعاء زكرياء، لا الذرية الخبيثة، " وطيب الذرية " مرجعه في أغلب الأحوال إلى طيب منبتها، أي إلى طيب الأسرة وحسن تربيتها، وإلى قدرتها على تحمل مسؤوليتها، من الوجهتين الروحية والمادية، الدينية والدنيوية، وإلا كانت الذرية نقمة لا نعمة، نقمة على نفسها أولا، ونقمة على أسرتها ثانيا، ونقمة على وطنها كله في نهاية