يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، ثم بين ابن كثير: أن هذه الآية إنما دلت على عرض الأرواح على النار غدوا وعشيا في البرزخ، وليس فيها دلالة على اتصال تألمهما بأجسادها في القبور، إذ قد يكون ذلك مختصا بالروح، فأما حصول ذلك للجسد في البرزخ وتألمه بسببه فلم تدل عليه إلا السنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال هذا مقعدك، حتى يبعثك الله عز وجل إليه يوم القيامة "، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر.
ويعقب كتاب الله على ما يتعرض له الأنبياء والرسل ومن آمن بهم من المحن والمتاعب، مبينا ما ينالهم في النهاية، بعد الثبات والصبر، من الفوز المبين، والنصر المكين، إذ يقول الحق سبحانه وتعالى في صيغة من التأكيد لا تأكيد فوقها:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.
ويصف كتاب الله - بمناسبة ذكره لقصة موسى وفرعون - ما يكون عليه يوم القيامة حال الأقوياء الضالين المضلين، وحال الضعفاء من أتباعهم المستضعفين، حيث يحتج الأتباع على المتبوعين والمرءوسون على الرؤساء، طالبين منهم أن يتحملوا عنهم بعض أثقالهم، وأن يقوموا مقامهم في أخذ نصيبهم من العقاب والعذاب، إذ إنهم ذهبوا ضحية تضليلهم، وفريسة إغوائهم،