لكن كبرائهم الذين استكبروا عن قبول دعوة الحق يجيبونهم صاغرين محزونين، معتذرين لهم بأنهم هم أيضا لهم نصيبهم من النار، بل إن نصيبهم من العذاب أكبر وأشد، على قدر ضلالهم في أنفسهم وإضلالهم لغيرهم، إذ كانوا قدوة سيئة " فالمرء في ميزان أتباعه " ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " كما قال عليه الصلاة والسلام، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}.
ثم تنتقل الآيات الكريمة للحديث عن بعض المفارقات التي تبرز بين المعذبين في النار، فها هم أولئك الذين كانوا طيلة حياتهم يسخرون من الإيمان والمؤمنين، ويستهزئون بالرسالة والرسل، ويكفرون بالله أو يشركون به غيره، يعودون في دار العذاب إلى صوابهم، ويدركون ما هم عليه من الضعف والهوان، لكن بعد فوات الأوان، ويمدون يد الضراعة إلى " خزنة جهنم " أنفسهم، طالبين منهم صالح الدعاء، عسى أن يخفف الله عنهم العذاب ولو يوما واحدا، إلا أن " خزنة جهنم " يوجهون إليهم سؤال استفسار واستنكار في وقت واحد، إذ يسألونهم عن الرسل هل جاءوهم بالبينات؟ هل بلغوهم الرسالة أم لا؟ فلا يسع ضيوف جهنم أي إنكار أو استنكار، بل يعترفون بأن الرسل قد بلغوا رسالاتهم عن الله كاملة غير منقوصة، وحينئذ يأمر خزنة جهنم أولئك المعذبين أن يتولوا الدعاء لأنفسهم بأنفسهم، ويرفضون