للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدعاء لهم، إذ لا يستطيعون التدخل في شأنهم، ولا الشفاعة فيهم لتخفيف العذاب، وهم يعرفون مسبقا أن دعاء الكافرين الذين لم يتوبوا من كفرهم - وهم في حياتهم - لا يقبل ولا يستجاب، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}.

وتناولت آيات هذا الربع بالإشارة ذكر موسى عليه السلام، وذكر بني إسرائيل قبل أن ينحرفوا ويحرفوا، فقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. ثم اتجهت الآيات الكريمة إلى مجابهة منكري البعث الذي يصرون على إنكاره دون حجة ولا برهان، كبرا منهم عن الانقياد للحق، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ}، وتعبيرا عن ما تمنى به مخططاتهم من خيبة وفشل، قال تعالى في نفس السياق: {مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}، وأتبعه بقوله: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. إشارة إلى أن خلق السماوات والأرض أكبر مما يستغربون منه ويتعجبون من أمره، وهو بعث الناس وخلقهم مرة أخرى بعد أن صاروا رميما، على أن هذه الآية تتضمن في نفس الوقت حقيقة كونية كبرى هي تحديد " مركز الإنسان " بالنسبة إلى بقية الأكوان، حتى لا يداخله الزهو والغرور، ولا يضع مقادته بيد الشيطان " الغرور ".

<<  <  ج: ص:  >  >>