نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}، وكما حقق الله وعده، ونصر جنده فيما مضى، فدان بدينه العرب والعجم، ودخلت فيه عدة شعوب وأمم، فسيحقق وعده فيما يستقبل من الأيام، وسيظهر الله دينه الحق في مشارق الأرض ومغاربها، وسيحفظ (ذكره الحكيم) إلى أن يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
أما (سورة فصلت المكية) التي تقع بدايتها في آخر هذا الربع، فقد تحدثت آياتها الأولى أولا عن كتاب الله العزيز ونزوله باللسان العربي المبين، والحكمة في نزوله على رسوله الصادق الأمين، وثانيا عن أول موقف وقفه المشركون من كتاب الله، عندما كانت حجب الشرك الغليظة لا تزال تحول بينهم وبين الاهتداء بنوره، وثالثا عن الجواب (الحليم الحكيم) الذي أجابهم به رسول الله وهو يدعوهم إلى الحق، ويتفانى في سبيل هدايتهم وهداية بقية الخلق، ورابعا عرضت نموذجا من (النذارة) التي وجهها القرآن الكريم إلى المشركين ومن سار على نهجهم، ونموذجا من (البشارة)، التي وجهها إلى المؤمنين الأولين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ففيما يخص النقطة الأولى جاء قوله تعالى:{حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا} ويبرز (تفصيل آياته) البينات فيما ورد منها في وصف ذات الله وصفاته وعجائب خلقه في الأنفس والآفاق، وفيما ورد في التكاليف المتعلقة بالقلوب