{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}، ويتصل بهذا الموضوع قوله تعالى في سورة الفرقان حكاية عن شبهات المشركين والجواب عنها:{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفرقان: ٥، ٦).
وفي نفس هذا السياق عرّج كتاب الله على وصف شيء من أقوال المشركين ودعاويهم في تبرير ما هم عليه من تمسك بالشرك، وتعلق بالوثنية، فنبه إلى أن رد الفعل الذي أحدثه إقبال المستضعفين في مكة، من الفقراء والعبيد والإماء، على الإيمان بالله ورسوله في فجر الإسلام، هو إثارة غضب المشركين المتكبرين، وإثارة سخريتهم، ودفعهم إلى الوقوف من رسول الله ومن كتاب الله موقف الاستعلاء والاستكبار، وموقف العناد والمعارضة، لأنهم أحسوا بالخطر الكامن وراء ما مهد له الإسلام من تحرير المستضعفين في الأرض، وما يستتبعه ذلك التحرير الذي سيتم على يديه، من تغيير جذري في الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لجزيرة العرب وللعالم أجمع، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}.
وانتقل كتاب الله إلى التوصية بالإحسان للأمهات والآباء، قضاء لحقوق الوالدين، وبرورا بهما، ولا سيما الأمهات القائمات بحق الأمومة خير قيام، إذ يتحملن من المتاعب، ويبذلن من