للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرياح وتسخير السحب بالغيث النافع، فلما رأوا السحاب مقبلا على أوديتهم فرحوا واعتقدوا أنه سحاب غيث وإحياء، لا سحاب هلاك وإفناء: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، ولكن الحق سبحانه وتعالى الذي ينجز وعده بالثواب لمن يستحقه، لا يخلف وعيده بالعقاب لمن تحدى أمره وتحدى رسله، رغما عن توالي الحجج والبينات، وها هو لسان القدرة يعيد على أسماعنا في كتاب الله نفس الجواب الحاسم، الذي تلقته عاد، أشد ما تكون خيبة أمل، وكأنها تستمع إليه الآن: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}، ثم يصف كتاب الله مشهد الدمار والخراب الشامل، الذي حل بعاد فأصبحت أثرا بعد عين، ولم يبق من ذكرياتها إلا مساكنها، لكنها خالية موحشة ينعق فيها البوم: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}.

ويتعرض كتاب الله في أعقاب هذا الحديث إلى ما كانت عليه عاد من الذكاء والقوة، لكنها لم تستعملها في مرضاة الله، إذ لم تستجب إلى دعوته. فعاقبها وأخذها أخذا وبيلا: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.

وقوله تعالى في بداية هذه القصة: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}، إشارة إلى هود عليه السلام نفسه، لكن كتاب الله ذكره هنا بصفته

<<  <  ج: ص:  >  >>