للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المزدوجة النفع، دنيا وأخرى، فذلك هو الزاد الذي يدوم ويبقى، أما ما عداه من الشهوات والملذات، والأغراض البشرية الصرفة التي يصرف الناس فيها حياتهم، فمآلها إلى الانصراف والزوال، وهي تنتهي بانتهاء وقتها في الحال.

واتجه كتاب الله إلى مخاطبة المسلمين في موضوع حساس بالنسبة لحياتهم المادية، ألا وهو موضوع البذل في سبيل الله، والإنفاق على الدعوة الإسلامية، وعلى الجهاد الإسلامي المشروع، لحماية هذه الدعوة وضمان وجودها، منبها إلى أن الحق سبحانه وتعالى لا يأمر المسلمين بإنفاق كل ما يملكونه في هذا السبيل، لأنه لو أمرهم بإنفاق كل ما يملكون لشق عليهم هذا التكليف وضاقوا به ذرعا، إذ يكون فيه نوع من الإحراج: {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}، ومبدأ الإسلام الأساسي: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وقاعدته الأصلية: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " لكن المطلوب من المسلمين هو أن لا يتخلفوا عن واجباتهم الأساسية، وأن يبذلوا من أموالهم في سبيل تحقيقها والوفاء بها ما هو ضروري لذلك في حدود المستطاع، وامتثال المسلمين لهذا الأمر الإلهي يعود عليهم قبل غيرهم بالصلاح والرشاد، ويضمن لهم القوة والهيبة بين العباد، فإذا بخلوا بأموالهم، وتخلوا عن واجباتهم جنوا ثمرة بخلهم ضعفا في أنفسهم، وهوانا على الله وعلى الناس، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>