تعالى:{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}، أي بحجة قاطعة، {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ}، أي اغتر فرعون بقوته، واعتمد على قومه، {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}، أي الريح التي تهلك ولا تنتج شيئا، {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}، أي: إلا قضت عليه بالذبول والفناء، كالجسم المنحل الفاني، {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ}. وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى:{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(فصلت: ١٧)، ويتصل بها قوله تعالى:{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ}(هود: ٦٥)، {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ}، أي: واذكر قوم نوح من قبل بقية الأقوام، لأنهم سبقوهم جميعا، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.
وانتقل كتاب الله إلى تذكير عباده بوجوب النظر والتأمل في كتاب الكون الأكبر، المفتوحة صفحاته لعقول الناس وقلوبهم جميعا، بما فيه من سماء وأرض وأحياء، وما فيه من أنواع وأصناف بلغت في التعدد والتنوع إلى حد يفوق كل إحصاء، وذلك قوله تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، أي بنيناها بقوة، {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا}، أي جعلناها مستقرا ملائما لحياة الإنسان فقد مهدنا له فيها سبل العيش، ووفرنا له فوق سطحها وسائل الحياة