السلام بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}، على غرار قوله تعالى في السورة الآتية:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.
وقوله تعالى:{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} أي: لا يكشف هولها وخطبها إلا الحق سبحانه وتعالى، أو لا يكشف عن وقت حلولها سوى الله، وكلا التفسيرين صحيح.
وسجل كتاب الله ما يوحى به إعراض المشركين عن القرآن العظيم، من التعجب والاستغراب، فبدلا من أن يتعظوا به عند سماعه، وتقشعر جلودهم، وتخشع قلوبهم، يضحكون منه، ويعرضون عنه، وذلك قوله تعالى:{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}.
والآن فلنلق نظرة على سورة " القمر " المكية أيضا، وسنجد بدايتها مرتبطة أوثق ارتباط بالآيات الختامية لسورة " النجم " السابقة عليها في الترتيب، ومنسجمة معها كل الانسجام، فقد سبق لنا في نهاية سورة " النجم " قوله تعالى: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}، وها هي سورة " القمر " تبتدئ بقوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، مما يؤكد نفس المعنى ويقويه.
وقوله تعالى:{وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}، يشير إلى ظاهرة كونية تعرض لها القمر في الماضي، وسيتعرض في المستقبل لما هو أخطر منها وأكبر، وذلك عند قيام الساعة، على غرار قوله تعالى