وختمت سورة " الواقعة " المكية بما يؤكد أن ما جاء به كتاب الله من حقيقة البعث والنشور والنشأة الآخرة هو عين الحق ومنتهى اليقين، وأن ما خالفه من المعتقدات الباطلة هو الضلال المبين، وذلك قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.
والآن فلننتقل لسورة " الحديد " المدنية، مستعينين بالله، سائلين منه الهداية والتوفيق، وقد أطلق عليها هذا الاسم، أخذا من قوله تعالى في آيتها الخامسة والعشرين:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}.
وأول ما نلاحظه في هذه السورة الكريمة أنها بدأت بتنزيه الله وتقديسه، والتوجه إليه بالتسبيح والتعظيم، على غرار ما جاء في خاتمة سورة " الواقعة " السابقة، ففاتحة سورة " الحديد " في غاية التناسب والتناسق مع تلك الخاتمة، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم
والفرق الوحيد بين خاتمة سورة " الواقعة " المكية وفاتحة سورة " الحديد " المدنية أن تلك الخاتمة تتضمن أمرا للرسول عليه الصلاة والسلام -ولجميع المؤمنين عن طريقه- بتسبيح الله وتعظيمه، وهذه الفاتحة تتضمن الإخبار بأن جميع المخلوقات في الأرض والسماوات تدين لله بالطاعة، وتعترف له بالعبودية، وتلتزم