السير بموجب السنن التي سنها لتسيير الكون، لا تتخلف عن أمره، ولا تتصرف على غير مراده، وذلك بالنسبة إليها هو منتهى " التسبيح " والتنزيه.
وقوله تعالى في نفس السياق:{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، إشارة إلى الصفة التي جعلت الحق سبحانه هو وحده المستحق لأن يكون منزها معظما مطاعا من كافة خلقه، فهو سبحانه الذي خضع كل شيء لعزته، وهو الذي تجلى في تقديره وتدبيره وتشريعه بالغ علمه وحكمته.
واستعرضت الآيات الكريمة بعد ذلك جملة من أسماء الله وصفاته، ومظاهر قدرته، ليزداد الذين آمنوا إيمانا، وليعيد المشركون النظر فيما هم عليه من جحود وعناد، وذلك قوله تعالى:{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، إلى قوله جل علاه:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. ونقل البخاري في صحيحه تفسير معنى " الظاهر والباطن " عن يحيى حيث قال: " الظاهر على كل شيء علما، والباطن على كل شيء علما "، والمراد بيحيى هنا يحيى بن زياد الفراء صاحب كتاب " معاني القرآن ". وقال ابن كثير: " قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}، أي: رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين ما كنتم، من بر أو بحر، في ليل أو نهار، في البيوت أو في القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم، ويرى مكانكم، ويعلم سركم