كريم "، ولينفق المؤمن في سبيل الله عن سخاء وطواعية، ولا يبخل بما استخلفه الله فيه يكفيه أن يتذكر وعد الله له على ما أنفقه " بالأجر الكبير والكريم " الكبير مرة، والكريم مرتين، وأجر يصفه الغني الكريم نفسه " بالكبر والكرم " أجل من أن يوصف، وأكبر من أن يقدر، فما عليك أيها المؤمن إلا أن تنفق في سبيل الله، وأن تقول كما قال رسول الله: " أنفق بلالا، ولا تخش من ذي العرش إقلالا "، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}(الروم: ٦٠)، ولا تكن ممن يبخلون أو يدعون الناس إلى البخل، فقد ذمهم الحق سبحانه وأعلن سخطه عليهم، وأنه غني عنهم وعن عطائهم، فقال تعالى في نفس هذا الربع:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}.
وبين كتاب الله أن في إمكان المؤمن في أي عصر وفي أي جيل أن يبلغ درجات الإيمان التي بلغها السابقون الأولون، وهي درجة " الصديقية " متى آمن بالله ورسوله إيمانا قويا يهيمن على حياته، ويقوده في جميع خطواته، بحيث تصبح حركاته وسكناته انعكاسا حقيقيا لعقيدته، ومرآة صادقة لدخيلة نفسه، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ}.
وبعد ما بينت الآيات الكريمة فيما سبق فضل الإنفاق في سبيل الله ونوهت ببذل المال في وجوه الخير النافعة للإسلام والمسلمين، انتقلت إلى بيان ما في التضحية بالنفس، وبذل