للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى في ختام شروط البيعة: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، أي: لا يعصينك فيما أمرتهن به من معروف ونهيتهن عنه من منكر. قال ميمون بن مهران: " لم يجعل الله طاعته لنبيه إلا بالمعروف، والمعروف طاعة ".

ومن المناسب أن نقف وقفة خاصة عند هذا الشرط الذي يعتبر أحد قواعد الدستور الإسلامي الخالد، فهو يستلزم بالأصالة طاعة الرعية لإمامها، ويستلزم بالتّبع استجابة الإمام لرغبة رعيته فيما يأتمران به معا، من معروف يتفق مع أحكام الشريعة وأصول الملة وشعائر الدين، فالإمام المسلم والأمة الإسلامية إنما ينظمان علاقاتهما بمقتضى شريعة الله، إذ لا حكم عليهما لسواه، ومصدر السلطات بالنسبة للمسلمين هو شرع الله الذي جاء به الرسول، وإمام المسلمين نائب عنهم في حراسته والحفاظ عليه، فإذا عرض لهم أمر لا نص عليه فيما جاء به الرسول استنبطوا له حكما شرعيا يوافق ما جاء به.

وفي مثل هذا السياق يستدل كثير من الناس بقوله تعالى في سورة " الحشر " من الربع الثاني في هذا الحزب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فيحملون هذه الآية على معنى أنه مهما أمركم الرسول بأمر فافعلوه، ومهما نهاكم عن أمر فاجتنبوه، كما فسرها ابن كثير، اعتمادا على تأويل عبد الله بن مسعود، بينما هذه الآية وردت بالأصالة في موضوع توزيع " الفيء " الذي أفاءه الله على المسلمين بعد جلاء بني النضير، وما حصل من التأثر عند بعض الأنصار، بعدما وزع

<<  <  ج: ص:  >  >>