للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خلقه، بحيث لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فهو سبحانه مطلع على ظواهر الناس وبواطنهم دون أي فرق ولا استثناء، وبذلك لا يستطيع الإنسان - وإن أسرّ ما في نفسه، وأخفى ما في صدره- أن يتملّص من رقابة الله، أو أن يتخلص من عين الله التي تراه " فإن لم تكن تراه فإنه يراك "، فما على المؤمن إلا أن يحسب الحساب لرقابة الله عند كل خطوة يخطوها نحو الخير أو الشر، وأن يقدر نتائج عمله وعواقبه كل التقدير، وإلى هذا المعنى ينبه قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

وذكر كتاب الله مشركي قريش ومن لف لفهم بمصرع الأمم الغابرة التي تمردت على طاعة الله، وتنكرت لأنبيائه ورسله، واستكثرت على أفراد من البشر يعيشون بين ظهرانيها أن يختارهم الله لرسالته، بدلا من إرسال ملائكته، فأنفت من طاعتهم، واستكبرت عن إتباعهم، فعاقبها الله بالخبال والوبال، وقضى عليها بالخراب والدمار، وذلك قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ} أي: استغنى عنهم، {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

وكتاب الله عندما يذكر مشركي قريش بهذه الحقائق والوقائع يريد أن يبطل اعتراضهم على رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاعتراضهم هو من جنس اعتراض الأمم الغابرة التي أصبحت في خبر كان، ولو حققوا في الأمر لأدركوا أن الرسالة المحمدية

<<  <  ج: ص:  >  >>