للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحق " بإعطائه الأسبقية في العون والإرشاد، بدلا من إيثار " الراغب عن الحق "، الذي لا يزال متأرجحا بين الصلاح والفساد، فقد بني الإسلام على أن أحق الناس في نظره بالإكرام والاعتبار والتقدير هو أقواهم إيمانا، وأشدهم استقامة، وأكثرهم تقوى، طبقا لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.

وقد أراد كتاب الله أن يركز هذا المعنى في أذهان المؤمنين، ويقوي أثره في نفوسهم، حتى تكون " المساواة " في العلم والدين شريعتهم الأولى والأخيرة، فاتخذ الوحي الإلهي من إحدى المناسبات التي كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا مع زمرة من صناديد قريش، - وكان يتصدى لهم كثيرا ويحرص على أن يؤمنوا بالله ورسوله- ثم أقبل عليهم في نفس الوقت، وانضم إلى مجلسهم فجأة عبد الله بن أم مكتوم الذي كان ضريرا فقيرا، مناسبة لتأكيد المبدأ الإسلامي الأصيل، في اعتبار القيم الأخلاقية والمعنوية للناس، قبل القيم المادية والاجتماعية المتعارفة:

ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مجلسه هذا مشغولا بالنفر الذين قدموا عليه من صناديد قريش إذ ذاك، مستغرقا في الحديث معهم يعرض عليهم الإسلام، ويحاول أن ينتزع من صدورهم رواسب الشرك، عسى أن يشرح الله صدورهم للإيمان، ويكونوا قوة للإسلام والمسلمين، فلما جاء عبد الله بن أم مكتوم وهو ضرير لا يرى ولا يعرف من هم الجالسون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ يقطع على رسول الله حديثه معهم، وأخذ يلح عليه في تعليمه بعض آيات من الذكر الحكيم، ويقول له: يا رسول الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>