للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال تعالى: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}، إشارة إلى أولئك النفر من صناديد قريش إذ ذاك، وما هم عليه من رغبة عن الحق، وتظاهر بالاستغناء عن الإسلام وعدم الحاجة إليه، إذ لا يزالون يحاجون الله ورسوله، وهذا معنى قوله تعالى: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}، وليس المراد بلفظ " استغنى " معنى الغنى وكثرة المال، كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان.

وقوله تعالى: {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى}، إشارة إلى أن واجب الرسول عليه السلام هو مجرد التبليغ، بحيث إذا قام بهذا الواجب تبرأ ذمته: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} (الشورى: ٤٨).

وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى}، إشارة إلى ابن أم مكتوم ومن كان في معناه من المؤمنين، الذين يرغبون في الحق ويقبلون عليه، فالله تعالى يحض رسوله - وعن طريقه يحض كافة المسلمين- على الاهتمام بطلاب الحق وتلبية رغبتهم، والأخذ بيدهم في طريق الهداية والإرشاد والتعبير " بالتلهّي " هنا إشارة إلى استغراق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه مع وفد قريش حول الدعوة الإسلامية، وكأن في هذا التعبير تلميحا إلى أن الله قد اطلع على قلوب ذلك الوفد القرشي، وعلم أن الدعوة لا تثمر فيهم ولا تجدي، رغما عما بذله الرسول عليه السلام من جهد بالغ في سبيل إقناعهم، على حد قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الرعد: ٣٣).

وانتقلت الآيات الكريمة إلى التحدث عن " الذكر الحكيم "،

<<  <  ج: ص:  >  >>