بالنعيم المقيم، فقال تعالى:{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}، أي أعلم بما تنطوي عليه صدورهم، {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، واستعمال " البشارة " هنا فيه نوع من المفاجأة والتبكيت، إذ لو رغبوا في " البشرى " على وجهها الصحيح لسلكوا إليها طريقها الوحيد، وهو طريق الإيمان والإذعان، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}، أي: لكن المؤمنين المتقين لهم أجر غير منقوص ولا مقطوع، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}(هود: ١٠٨)، وانتقد ابن كثير قول بعضهم في تفسير آية {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}، أن معناها لهم أجر غير ممنون عليهم، فإن الله عز وجل له المنة على أهل الجنة في كل حال، وإنما دخلوها بفضله ورحمته، لا بأعمالهم، فله عليهم المنة دائما سرمدا.
ولننتقل الآن إلى سورة " البروج " المكية أيضا، معتمدين على الله.
وهذه السورة الكريمة تتحدث عن قصة " أصحاب الأخدود " وهم فئة من المؤمنين الأولين كانوا قد آمنوا قبل ظهور الإسلام، وتعرضوا للعذاب بالنار على يد الكفار من إخوانهم، عقابا لهم على إيمانهم.
وقد ابتدأت السورة الكريمة باستعراض جملة من الأشياء التي ينبغي الوقوف عندها وقفة خاصة، والتأمل فيها وفيما وراءها، بقصد الذكرى والاعتبار، ففي مطلعها إشارة إلى السماء مع