وصفها " بذات البروج " ومعنى " البروج " في هذا السياق حسبما اختاره ابن جرير: منازل الشمس والقمر، التي يسير فيها كل واحد منهما بنظام مطرد.
وفي مطلع هذه السورة إشارة إلى " اليوم الموعود " وهو يوم القيامة، وإشارة إلى " الشاهد والمشهود "، و " المشهود " هو ما يبرز يوم القيامة من ظواهر كونية غريبة، وما يجري من أحوال وأهوال في عرصاتها، و " الشاهد " هو الخلق، الذي يجمعه الله بعد شتات وافتراق في صعيد واحد، ليشاهد فناء العالم، والنشر والحشر، والثواب والعقاب، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}.
ثم استعرضت الآيات الكريمة قصة " أصحاب الأخدود "، والمراد " بالأخدود " هنا الحفرة التي حفرها الكفار في الأرض وأوقدوا فيها النار، ثم ألقوا فيها المؤمنين الذين آمنوا بالله، وكفروا بمعتقداتهم الباطلة، من الرجال والنساء، وأحرقوهم بالنار، عقابا لهم، وتنفيرا من عقيدتهم، وذلك قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.
ولعل السر في الإتيان بهذه القصة هو مواساة المؤمنين المستضعفين الذين كان سفهاء المشركين يعذبونهم أشد العذاب بمكة في فجر الإسلام، وتعريفهم بما سبق للمؤمنين قبلهم في