عصور قديمة، من التعرض لأنواع الإذاية والتنكيل، وبما آل إليه أمر الكافرين الذين عذبوهم، من سوء العاقبة والعذاب الوبيل، ولذلك جاء التعقيب هنا مباشرة بقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}، وقوله تعالى:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}، أي: سيعذبون عذابا أليما من جنس ما عذبوا به المؤمنين: حريقا بحريق، وبطشا ببطش.
وهذه الآية كما يندرج تحتها قدماء الكفار الذين حفروا الأخدود لإحراق المؤمنين قبل الإسلام، تشمل أيضا مشركي قريش الذين يعذبون المستضعفين من المؤمنين في فجر الإسلام.
ثم تولى كتاب الله التنويه بالمؤمنين الذين تحملوا الشدائد والتضحيات في سبيل إيمانهم، دون أن يتنازلوا عن عقيدتهم، وذكر ما نالوه عند الله من الفوز الكبير، جزاء تضحيتهم الكبرى، وما أعده الله لهم من النعيم المقيم، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}.
وعرج كتاب الله على جملة من صفات الله وأسماءه الحسنى، التي تبرز فيها وتنعكس من خلالها آثار جماله وجلاله، فقال تعالى:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}، فهو سبحانه " غفور " لمن تاب من ذنبه، وأناب إلى ربه.