للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن هنا ننتقل إلى سورة " الطارق " المكية أيضا، مستعينين بالله.

ويتصدر في بدايتها قسم من الله عظيم، بالسماء التي رفع سمكها، وبالنجم الثاقب الذي أعده ليخرق حجب الظلام الكثيفة، بشعاعه النافذ المضيء، وذلك قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ}.

ثم بين كتاب الله الحقيقة التي أقسم عليها تنويها بها، وتركيزا للأنظار من حولها، ولا سيما أنظار الغافلين المستهترين، ألا وهي حقيقة " الرقابة الإلهية الدائمة " الموضوعة على الإنسان، حتى يسلك سبيل الرشاد، ويتفادى الوقوع في أشراك الفساد، وذلك قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}، أي: كل نفس عليها من الله حافظ يراقبها ويحرسها ويرعاها، على حد قوله تعالى في آية أخرى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (الرعد: ١١).

وأخذ كتاب الله يذكر الإنسان بأطوار نشأته الأولى منذ كان نطفة من مني تمنى، ويعرفه بأن القدرة الإلهية التي أبدعته من لا شيء، وأخرجته من العدم إلى الوجود في الحياة الأولى قادرة كذلك على أن تخرجه من عدم الموت إلى الوجود في الحياة الثانية، وأنه إن لم يمدده الله بقوته ونصره في الدنيا والآخرة، وتركه موكولا إلى نفسه أصبح مضرب المثل في العجز والخذلان التام، وذلك قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>