أعلى درجة في الحرارة والغليان، كما قال ابن عباس وغيره {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}، و " الضريع " شجر شائك مسموم، وقال قتادة " هو شر الطعام وأبشعه وأخبثه ".
وهناك طائفة أخرى من الناس يظهر على وجوهها أثر النعمة يوم القيامة، وهي طائفة السعداء من المقربين والأبرار، وفي وصفها يقول الله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ}، أي: أنها راضية عن عملها الذي وفقها الله إليه وقدمته بين يديها، {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً}، أي: لا لغو فيها ولا تأثيم، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا}(الواقعة: ٢٥، ٢٦)، ثم قال تعالى:{فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}، وهذا من باب التمثيل والتقريب، إذ فيها " ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ".
ثم أخذ كتاب الله يعرض ما أنعم به سبحانه على الإنسان، وما أبدع صنعه في مختلف الأكوان، تذكيرا بما له سبحانه من الفضل والإحسان، وتنبيها على أن هذه النعم تستحق أن تقابل بالشكر والامتنان، لا بالجحود والكفران، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، وإنما ذكرت " الإبل " في هذا السياق من الآيات، لأنها فعلا من