لا في الطاعات، وينسون أن الله سائلهم عما استخلفهم فيه من المال، من أين اكتسبوه، وأين أنفقوه، وأنهم سيحاسبون عليه حسابا عسيرا.
ثم أخذ كتاب الله يستعرض مننه على الإنسان الذي هو مدين لخالقه بكل شيء، وذكر على سبيل المثال العينين اللتين يبصر بهما، واللسان الذي يعبر به، والشفتين اللتين يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام، بالإضافة إلى ما في تكوين كل عضو من أعضاء الإنسان عموما من دقة الصنع، وإبداع التكوين، وغرابة التركيب، مما لا يستطيع أي مخلوق أن يصنع مثله، ولا أن يبدع نظيره، لا من الأولين ولا من الآخرين، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ}.
وأضاف كتاب الله إلى هذه النعم نعمة العقل والتفكير التي أكرم بها الإنسان، وجعلها وسيلة في متناول يده، ليميز بها الخير من الشر، والحق من الباطل، والضلال من الهدى، وهذه النعمة التي وهبها له الحق سبحانه هي مناط التكليف والتشريف، ومناط الثواب والعقاب، وذلك قوله تعالى:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}، أي: طبعنا طبيعته على استعداد مزدوج: استعداد للخير إن اختاره، واستعداد للشر إن أراده، و " النجدان " نجد الخير ونجد الشر، أي الطريقان المؤديان إليهما. روي عن ابن عباس أنه فسر " النجدين " بالثديين، بمعنى أن الله هدى الإنسان بمجرد خروجه من بطن أمه إلى التقام ثدييها، إلهاما منه وإحسانا. ويشهد