(الإسراء: ٣٦). روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}، ثم قال:" يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت "، رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله "، رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
ولنستقبل الآن سورة " العصر " المكية أيضا، ومدار الحديث في هذه السورة على التعريف بالقيمة الحقيقية لحياة الإنسان، والإشارة إلى أن العبرة في حياته إنما هي بنوع المساعي التي يسعى فيها، والتصرفات التي يتصرفها، خيرا أو شرا، صلاحا أو فسادا، وفي هذه السورة قسم من الله " بالعصر "، وهو مفرد العصور، والمراد به الزمن الذي يقطعه الإنسان في حياته، وتقع فيه شتى حركاته وتصرفاته، وكما ذكر كتاب الله هنا لفظ " العصر " الذي هو مفرد العصور، ذكر في آية أخرى لفظ " الدهر " الذي هو مفرد الدهور.
والمقسم عليه هنا هو إثبات أن الإنسان يظل خاسرا لنفسه ولحياته، ولا يعتبر من الفائزين المفلحين، إلا إذا تحول من إنسان جاحد، فاسد، أناني، إلى إنسان مؤمن بالله، قائم بالعمل الصالح، متمسك بالحق، " وموص " لغيره بالتمسك به، معتصم بالصبر، و " موص " لغيره بالاعتصام به، وذلك قوله تعالى بعد البسملة: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا