المسلمين، وبث الحيرة والشك في نفوسهم، ونشر الإباحية والفوضى في أوساطهم، فضلا عما تعرض له الإسلام في بعض الأزمات والأوقات من إبادة الآثار الإسلامية، وقضاء على بدائع التراث الإسلامي، وضغط على العناصر الإسلامية لتندمج في غيرها مكرهة، أو تفنى وتبيد بالمرة.
وهكذا أثبت تاريخ الإسلام والتاريخ العام أن القرآن الكريم كان صادقا كل الصدق عندما قرر للمسلمين من أول يوم أنهم سيكونون عرضة للأذى من طرف أهل الكتاب وغيرهم، وأن هذا الأذى لن يكون قليلا وإنما سيكون أذى كثيرا، وذلك مصداق قوله تعالى وهو يخاطب المؤمنين خطابا مؤكدا {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}.
وبعد هذا الخبر الغيبي الصادق، والخطاب الإلهي المؤكد، المتضمن لما سيتعرض له المسلمون من ابتلاء وإيذاء، جاء التعقيب عليه بآية أخرى تنبه المسلمين إلى أن عدتهم الأولى للتغلب على ضعف أنفسهم وعلى أذى أعدائهم إنما هي الصبر والتقوى، وكلاهما من الأمور الشاقة التي لا يقوى عليها إلا أهل العزائم من أولي العزم {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
ولولا ما تحلى به سلفنا الصالح من صبر على القيام بالواجبات، وصبر على تحمل المكاره، وما التزموه من تقوى الله، التي جعلتهم يقظين حذرين من ذات أنفسهم، فضلا عن الحذر من