- الحكم الخامس - وجوب الإشهاد على اليتامى بدفع أموالهم إليهم حين الدفع من طرف القائمين عليهم، حتى لا يبقى أي التباس ولا إدعاء، ولا يقع أي جحود أو إنكار، وذلك قوله تعالى:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}.
وبعد هذه الأحكام الإلهية والتوجيهات السماوية المحددة والصريحة والواضحة كل الوضوح جاء التعقيب عليها بقوله تعالى:{وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} تنبيها للقائمين على أمر اليتامى إلى أن الحق سبحانه وتعالى هو الذي يتكفل بحسابهم في يوم الحساب إذا قصروا أو زيفوا أو دلسوا أو خانوا في حساب اليتامى الذين كانوا إلى نظرهم، مما يدل على خطورة مسؤوليتهم أمام الله أكثر من غيرهم، إذ غيرهم من الناس يكل إليهم الله حساب أنفسهم بأنفسهم، كما يدل عليه قوله تعالى في سورة الإسراء {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}.
على أن كتاب الله لا يكتفي بهذا الإنذار الصريح، بل يزيد عليه إنذارا آخر يمس نفس الذرية التي تكون للقائمين على أمر اليتامى، عندما يموتون ويتركون ذريتهم في أيد غير أمينة، معرضة للاستغلال والأذى، وذلك قوله تعالى:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ}.
ولعل أحد الدارسين يتساءل لماذا اعتنى كتاب الله بأمر اليتامى إلى هذا الحد، ولماذا جاءت أحكامه مفصلة في شأنهم كل هذا التفصيل؟