ونظرا لحرص الإسلام على عدم تضييع المؤمن للصلاة التي هي أوثق صلة بينه وبين ربه، وضرورة قيامه بأدائها في الحضر والسفر والصحة والمرض، أباح التيمم بدلا من الطهارة المائية للمريض والمسافر والمحدث والجنب، ولم يوجب التيمم بالنسبة لجميع الأعضاء والأطراف المطلوب تطهيرها بالماء، بل اكتفى في التيمم بالوجه واليدين دون ما عداهما زيادة في التخفيف، وأشار كتاب الله إلى أن هذا التخفيف منبثق من الرفق والعفو الذي هو من صفات الله، ومن مقتضيات حكمته {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}.
وانتقلت الآيات إلى الحديث من جديد عن أهل الكتاب الذين يقفون حجر عثرة في طريق الإسلام، فبينت سوء استغلالهم للقسم الضئيل الباقي عندهم من الكتاب في خدمة مصالحهم المادية، وترضية أهوائهم الشخصية، وأوضحت سعيهم إلى تضليل المسلمين، وما هم عليه من عداوة ثابتة للمؤمنين {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}.
وأشارت الآيات بالأخص إلى تحريف اليهود وتأويلهم لنصوص الوحي وأوامره عن مواضعها ومقاصدها، وحكت جملة من تعابيرهم المستنكرة التي اعتادوا أن يستعملوها في أحاديثهم عن رسول الله والمؤمنين، طعنا منهم في الدين، وعارضت تعابيرها المستنكرة بتعابير أخرى لو اهتدوا إليها وعبروا بها لكان خيرا لهم وأقوم، لكن {لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.