ولوقت الغلاء من وقت الرخص، ولاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون). وقال القاضي عبد الجبار:" المراد لو كنت أعلم الغيب وقت خروجي من الدنيا لاستكثرت من الخير والطاعة، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يعرف قدر أجله، ولو عرفه لزاد في الطاعات أضعافا، وليس المراد لاستكثرت من الخير فيما يتصل بلذات الدنيا، وقد يحتمل: لاستكثرت من الخير في دفع المضار عن نفسي والمؤمنين ".
ثم أكد كتاب الله على لسان رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم أن اختصاص الرسالة على وجه الأصالة لا يتجاوز البشارة والنذارة، فهو " بشير ونذير " للناس أجمعين، ولاسيما للمؤمنين الذين هم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، وذلك قوله تعالى بصيغة الحصر:{إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
وانتقل كتاب الله إلى وصف حالة يختلط فيها الإيمان بالشرك عند كثير من الناس، ذلك أن الله تعالى طبع الإنسان، ذكرا وأنثى، على حب الذرية والرغبة في إنجاب الأولاد، ومن أجل تحقيق هذه الرغبة يستعمل بعض الناس لجهلهم كل الوسائل الممكنة، حتى الوسائل غير المشروعة، لاسيما إذا طال على بعضهم الانتظار وامتد به الأمد، وهكذا يصبح الزوج والزوجة في قلق واضطراب، تارة يستجيبان لفطرة الله فيتوجهان بدعائهما ورجائهما في إنجاب الولد إلى الله، وتارة ينحرفان عن الفطرة فيعقدان الأمل والرجاء على غير الله، ويظهر أثر ذلك فيما يقدمه الأب أو الأم من نذر إلى غير الله، ومن اعتقاد بأن ذلك الغير كان له تأثير مباشر في تحقيق مناه، أيا كان ذلك الغير، صنما أو إنسانا، حيا أو ميتا.