قال قتادة:" هذه أخلاق أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ودله عليها " وقال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " قال علماؤنا هذه الآية من ثلاث كلمات، قد تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات، حتى لم يبق فيها حسنة إلا أوضحتها، ولا فضيلة إلا شرحتها، ولا أكرومة إلا افتتحتها، وأخذت الكلمات الثلاث أقسام الإسلام الثلاثة. فقوله تعالى:{خذ العفو} تولى بالبيان جانب اللين ونفي الحرج في الأخذ والإعطاء والتكليف، وقوله تعالى، {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} تناول جانب المأمورات والمنهيات؛ وأنهما ما عرف حكمه، واستقر في الشريعة موضعه، واتفقت القلوب على علمه. وقوله:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} تناول جانب الصفح بالصبر، الذي به يتأتى للعبد كل مراد في نفسه وغيره. ولو شرحنا ذلك على التفصيل لكان أسفارا ".
وعلى عكس ما فهم بعض المتأخرين من كلمة " العرف " الواردة هنا، فحملها على الأعراف والعادات، نبه القاضي أبو بكر " ابن العربي " وغيره من المفسرين والفقهاء إلى أن المراد بالعرف في هذا السياق هو " المعروف من الدين، المعلوم من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، المتفق عليه في كل شريعة ". وقد امتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم أوامر ربه حق الامتثال، وطبقها في حياته وسلوكه على التمام والكمال، ثم بسط القاضي أبو بكر " ابن العربي " القول في تفسير هذه الآية وتحليلها فقال: " أما العفو فإنه عام في متناولاته، ويصح أن يراد به: خذ ما خف وسهل مما تعطى، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من الصدقة التمرة والقبضة والحبة والدرهم والسمل