للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند تفسير قوله تعالى، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}: " ذمهم على ترك القبول، ثم شبههم بالصم والبكم على طريقة اللغة، في مبالغة ذم من لا يقبل الحق، فربما قيل فيه إنه ميت، كما قال الله تعالى عن مثلهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ولذلك قال هنا بعده: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}، ثم قال {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} فذمهم نهاية الذم " إذ لا خير فيهم ولا أمل في هدايتهم {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} أي أفهمهم {لَتَوَلَّوْا} أي لارتدوا بعد فهمه على أدبارهم {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} أي صادون عنه منصرفون، ولن ينفع العقل وحده صاحبه إذا كان قلبه ميتا، وإحساسه متبلدا.

وانتقل كتاب الله إلى مخاطبة المؤمنين بأشرف صفاتهم وهي صفة " الإيمان " داعيا إياهم إلى الاستجابة لله وللرسول، منبها لهم إلى أن تطبيق المنهج الإسلامي في الحياة هو الطريق الوحيد إلى الحياة الطيبة والعيش الكريم، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} قال الإمام البخاري {اسْتَجِيبُوا} أي أجيبوا {لِمَا يُحْيِيكُمْ} أي لما يصلحكم. وقال عروة ابن الزبير: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد القهر. وقال القاضي عبد الجبار: وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} هو بعث من الله تعالى على الجهاد، فكما ذم من قعد عنه ولم يطع الرسول فيه كذلك مدح من قام بحقه. وأراد بقوله {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} أن الجهاد

<<  <  ج: ص:  >  >>