الأحزاب وحده، وفك عن الإسلام الحصار المضروب من حوله، وانطلق كالموج الزاخر يزحف في مده الطالع من مكان إلى آخر، وكالشمس المضيئة تسطع على بقاع العالم بقعة بعد أخرى.
ويقابل معنى الحياة والإحياء المستفاد من قوله تعالى هنا في هذا الربع:{اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} معنى الهلاك والفناء المضاد له، المستفاد من قوله تعالى في سورة البقرة:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. روى الترمذي وصححه، وأبو داوود، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال الحاكم إنه على شرط الشيخين، وابن جرير في تفسيره، كلهم من حديث يزيد ابن أبي حبيب عن " أسلم " مولى عمران التجيبي قال: " حمل رجل من المسلمين على صف الروم في غزوة كانوا يغزونها حتى دخل فيهم، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب الأنصاري، أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير التأويل، نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا معشر الأنصار، صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدنا معه المشاهد ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر واجتمعنا معشر الأنصار تخفيا، فقلنا قد أكرمنا الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونصره، حتى فشا الإسلام وكثر أهله، وكنا قد آثرناه على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهما، فأنزل الله تعالى على نبيه يرد علينا ما قلنا:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التهلكة في