شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} موجه إلى الذكور من المسلمين القادرين على القتال، فهم الذين منحهم الله بفضله أربعة أخماس الغنيمة، وإذا تطوعت المرأة بالقتال - رغما عن كونه لم يفرض عليها- كان لها نصيب من نفس الغنيمة، لكن بصفة عطية وهدية مجردة، لا بصفة سهم مفروض، كما ثبت في الصحيح:(أن النساء كن يحذين من الغنيمة ولا يسهم لهن) ومعنى يحذين - أي يعطين- من " الحذوة "، وهي العطية والهدية، واستحسن ابن حبيب من أئمة المالكية أن يكون لها سهم في الغنيمة أيضا.
والعبرة بالنسبة إلى التعبئة وحمل السلاح في الإسلام إنما هي بإطاقة القتال والقدرة عليه، بحيث يقبل فيه حتى المراهقون متى كانوا أقوياء على القتال، فقد عرض ابن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه صلى الله عليه وسلم، ثم جاء يوم الخندق وهو ابن خمسة عشرة سنة، وعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه، وأذن له بالمشاركة في المعركة مع كبار المجاهدين.
وإنما يثبت السهم في الغنيمة لمن حضر القتال دون من غاب، ولو كانت غيبته لعذر، اللهم إلا إذا كان الغائب قد تغيب في مصلحة الجيش، فإنه يشارك من حضر بسهمه، كما ذهب إليه محمد بن المواز من المالكية، ومن حضر مريضا كمن لم يحضر، اللهم إلا إذا كان له رأي يساهم به في تدبير الحرب، وذهب أشهب من المالكية إلى أن المجاهد الأسير يسهم له وإن كان مقيدا بالحديد.
وأما من يصحب الجيش للمعاش كالأجراء والصناع والتجار ممن لم يقصدوا القتال ولا خرجوا للجهاد، فلا حق لهم في الغنيمة،