للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصداقا لقوله تعالى في سورة المزمل: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فقد ميز الله في هذه الآية المقاتلين عن أهل المعاش من المسلمين. وبين حال كل فريق وحكمه، نعم، إذا اشترك الأجراء والصناع والتجار في نفس القتال إلى جانب بقية المجاهدين - علاوة على ما يقومون به من كسب معاشهم - كان لهم حقهم في الغنيمة، لأن سبب الاستحقاق قد وجد منهم كما نص عليه المحققون.

وإذا كان كتاب الله لم ينص على أي تفصيل أو تفضيل في شأن الأربعة الأخماس التي منحها للمجاهدين الغانمين، فقد جاءت السنة النبوية الكريمة ببعض التفصيل والتفضيل، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم فاضل بين الفارس والراجل من المجاهدين، فأعطى للراجل سهما واحدا، وأعطى للفارس سهمين اثنين.

قال أبو بكر (ابن العربي): (وذلك لكثرة العناء وعظم المنفعة " - أي بالنسبة للفارس - " فجعل الله التقدير في الغنيمة بقدر العناء في أخذها، حكمة منه سبحانه فيها، ووقف بعض العلماء عند الحد الذي فاضل به رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفارس والراجل، واستحسن البعض الآخر إعطاء الفارس بدلا من سهمين ثلاثة أسهم، له واحد ولفرسه اثنان، ومن له عدة أفراس أسهم لواحد منها، إذ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لأكثر من فرس واحد).

وهكذا أحكم الله أمر الغنيمة بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

<<  <  ج: ص:  >  >>